فصل: تفسير الآية رقم (11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التفسير الميسر



.تفسير الآية رقم (8):

{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}
ووصينا الإنسان بوالديه أن يبرهما، ويحسن إليهما بالقول والعمل، وإن جاهداك- أيها الإنسان- على أن تشرك معي في عبادتي، فلا تمتثل أمرهما. ويلحق بطلب الإشراك بالله، سائر المعاصي، فلا طاعة لمخلوق كائنًا من كان في معصية الله سبحانه، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. إليَّ مصيركم يوم القيامة، فأخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا من صالح الأعمال وسيئها، وأجازيكم عليها.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9)}
والذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات من الأعمال، لندخلنهم الجنة في جملة عباد الله الصالحين.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)}
ومن الناس من يقول: آمنا بالله، فإذا آذاه المشركون جزع من عذابهم وأذاهم، كما يجزع من عذاب الله ولا يصبر على الأذيَّة منه، فارتدَّ عن إيمانه، ولئن جاء نصر من ربك- أيها الرسول- لأهل الإيمان به ليقولَنَّ هؤلاء المرتدون عن إيمانهم: إنَّا كنا معكم- أيها المؤمنون- ننصركم على أعدائكم، أوليس الله بأعلم من كل أحد بما في صدور جميع خلقه؟

.تفسير الآية رقم (11):

{وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11)}
وليعلمنَّ الله علمًا ظاهرًا للخلق الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، وليعلمنَّ المنافقين؛ ليميز كل فريق من الآخر.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12)}
وقال الذين جحدوا وحدانية الله من قريش، ولم يؤمنوا بوعيد الله ووعده، للذين صدَّقوا الله منهم وعملوا بشرعه: اتركوا دين محمد، واتبعوا ديننا، فإنا نتحمل آثام خطاياكم، وليسوا بحاملين من آثامهم من شيء، إنهم لكاذبون فيما قالوا.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)}
وليحملَنَّ هؤلاء المشركون أوزار أنفسهم وآثامها، وأوزار مَن أضلوا وصدُّوا عن سبيل الله مع أوزارهم، دون أن ينقص من أوزار تابعيهم شيء، وليُسألُنَّ يوم القيامة عما كانوا يختلقونه من الأكاذيب.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)}
ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، فلم يستجيبوا له، فأهلكهم الله بالطوفان، وهم ظالمون لأنفسهم بكفرهم وطغيانهم.

.تفسير الآية رقم (15):

{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)}
فأنجينا نوحًا ومَن تبعه ممن كان معه في السفينة، وجعلنا ذلك عبرة وعظة للعالمين.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16)}
واذكر- أيها الرسول- إبراهيم عليه السلام حين دعا قومه: أن أخلصوا العبادة لله وحده، واتقوا سخطه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، ذلكم خير لكم، إن كنتم تعلمون ما هو خير لكم مما هو شر لكم.

.تفسير الآية رقم (17):

{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)}
ما تعبدون- أيها القوم- مِن دون الله إلا أصنامًا، وتفترون كذبًا بتسميتكم إياها آلهة، إنَّ أوثانكم التي تعبدونها من دون الله لا تقدر أن ترزقكم شيئًا، فالتمسوا عند الله الرزق لا من عند أوثانكم، وأخلصوا له العبادة والشكر على رزقه إياكم، إلى الله تُردُّون من بعد مماتكم، فيجازيكم على ما عملتم.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (18)}
وإن تكذِّبوا- أيها الناس- رسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم فيما دعاكم إليه من عبادة الله وحده، فقد كذبت جماعات من قبلكم رسلها فيما دعتهم إليه من الحق، فحل بهم سخط الله، وما على الرَّسول محمد إلا أن يبلغكم عن الله رسالته البلاغ الواضح، وقد فَعَل.

.تفسير الآية رقم (19):

{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)}
أولم يعلم هؤلاء كيف ينشئ الله الخلق من العدم، ثم يعيده من بعد فنائه، كما بدأه أول مرة خلقًا جديدًا، لا يتعذر عليه ذلك؟ إن ذلك على الله يسير، كما كان يسيرًا عليه إنشاؤه.

.تفسير الآية رقم (20):

{قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
قل- أيها الرسول- لمنكري البعث بعد الممات: سيروا في الأرض، فانظروا كيف أنشأ الله الخلق، ولم يتعذر عليه إنشاؤه مبتدَأً؟ فكذلك لا يتعذر عليه إعادة إنشائه النشأة الآخرة. إن الله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء أراده.

.تفسير الآية رقم (21):

{يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)}
يعذب مَن يشاء مِن خلقه على ما أسلف مِن جرمه في أيام حياته، ويرحم مَن يشاء منهم ممن تاب وآمن وعمل صالحًا، وإليه ترجعون، فيجازيكم بما عملتم.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (22)}
وما أنتم- أيها الناس- بمعجزي الله في الأرض ولا في السماء إن عصيتموه، وما كان لكم من دون الله مِن وليٍّ يلي أموركم، ولا نصير ينصركم من الله إن أراد بكم سوءًا.

.تفسير الآية رقم (23):

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23)}
والذين جحدوا حُجج الله وأنكروا أدلته، ولقاءه يوم القيامة، أولئك ليس لهم مطمع في رحمتي لَمَّا عاينوا ما أُعِدَّ لهم من العذاب، وأولئك لهم عذاب مؤلم موجع.

.تفسير الآية رقم (24):

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)}
فلم يكن جواب قوم إبراهيم له إلا أن قال بعضهم لبعض: اقتلوه أو حرِّقوه بالنار، فألقوه فيها، فأنجاه الله منها، وجعلها عليه بردًا وسلامًا، إن في إنجائنا لإبراهيم من النار لأدلة وحججًا لقوم يصدِّقون الله ويعملون بشرعه.

.تفسير الآية رقم (25):

{وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)}
وقال إبراهيم لقومه: يا قوم إنما عبدتم من دون الله آلهة باطلة، اتخذتموها مودة بينكم في الحياة الدنيا، تتحابون على عبادتها، وتتوادون على خدمتها، ثم يوم القيامة، يتبرأ بعضكم من بعض، ويلعن بعضكم بعضًا، ومصيركم جميعًا النار، وليس لكم ناصر يمنعكم من دخولها.

.تفسير الآية رقم (26):

{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)}
فصدَّق لوطٌ إبراهيمَ وتبع ملته. وقال إبراهيم: إني تارك دار قومي إلى الأرض المباركة وهي الشام، إن الله هو العزيز الذي لا يُغَالَب، الحكيم في تدبيره.

.تفسير الآية رقم (27):

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (27)}
ووهبنا له إسحاق ولدًا، ويعقوب من بعده وَلَدَ وَلَدٍ، وجعلنا في ذريته الأنبياء والكتب، وأعطيناه ثواب بلائه فينا، في الدنيا الذكر الحسن والولد الصالح، وإنه في الآخرة لمن الصالحين.

.تفسير الآيات (28- 29):

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (29)}
واذكر- أيها الرسول- لوطًا حين قال لقومه: إنكم لتأتون الفعلة القبيحة، ما تَقَدَّمكم بفعلها أحد من العالمين، أإنكم لتأتون الرجال في أدبارهم، وتقطعون على المسافرين طرقهم بفعلكم الخبيث، وتأتون في مجالسكم الأعمال المنكرة كالسخرية من الناس، وحذف المارة، وإيذائهم بما لا يليق من الأقوال والأفعال؟ وفي هذا إعلام بأنه لا يجوز أن يجتمع الناس على المنكر مما نهى الله ورسوله عنه. فلم يكن جواب قوم لوط له إلا أن قالوا: جئنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين فيما تقول، والمنجزين لما تَعِد.

.تفسير الآية رقم (30):

{قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)}
قال: رب انصرني على القوم المفسدين بإنزال العذاب عليهم؛ حيث ابتدعوا الفاحشة وأصرُّوا عليها، فاستجاب الله دعاءه.

.تفسير الآية رقم (31):

{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31)}
ولما جاءت الملائكة إبراهيم بالخبر السارِّ من الله بإسحاق، ومن وراء إسحاق ولده يعقوب، قالت الملائكة لإبراهيم: إنا مهلكو أهل قرية قوم لوط، وهي سدوم؛ إنَّ أهلها كانوا ظالمي أنفسهم بمعصيتهم لله.

.تفسير الآية رقم (32):

{قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ (32)}
قال إبراهيم للملائكة: إنَّ فيها لوطًا وليس من الظالمين، فقالت الملائكة له: نحن أعلم بمن فيها، لننجِّينَّه وأهله من الهلاك الذي سينزل بأهل قريته إلا امرأته كانت من الباقين الهالكين.

.تفسير الآية رقم (33):

{وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ (33)}
ولما جاءت الملائكة لوطًا ساءه ذلك؛ لأنه ظنهم ضيوفًا من البشر، وحزن بسبب وجودهم؛ لعلمه خبث فعل قومه، وقالوا له: لا تَخَفْ علينا لن يصل إلينا قومك، ولا تحزن مما أخبرناك مِن أنا مهلكوهم، إنَّا منجُّوك من العذاب النازل بقومك ومنجُّو أهلك معك إلا أمرأتك، فإنها هالكة فيمن يهلك مِن قومها.